الوهم!


الوهم!
     في زمن مضى كانت الأمهات يحصن أولادهن بالدعاء: (يكفيك شر الغوازي... سميع يارب) فـ(الغازية) امرأة من ثلج و نار، لعوب كالموج تمتد و تنحسر، تتلوى كالثعبان، و تتلون كالحرباء... و ذات مساء أشارت إليه؛ فأقبل عليها، و عدته بالكثير، شعر بامتلاكه لها، ضمها إلى صدره و ضحك ضحكات أشبه بالبكاء، مسح الدموع من عينيه؛ أخذته سكرة الاحتواء، ظل على حاله الهيام تلك حتى امتدت إليه يد تنبهه؛ ضربت خده بشدة (إصح يا شخص إنك تحتضن الهواء!) صاح في وجه الجميع ثائراً (لا لن تخذلني كما تدعون و لم تهرب مني كما تزعمون، بل ذابت في كياني)! و هام على وجهه...
     الآن شاهدته ممدداً على الأرض فاغراً فاه، محدقاً نحو المجهول؛ غسلته دموعي، و انتزعت الجريدة من تحت إبطي، و صنعت من بعض أوراقها ثوباً لي، و كفناً له!... خرج صوت أنثوي ساخن من بين ملابسي الورقية (ماجدي ي ي ي) نظرت صوب الصوت فبصرت (...) عارية بصفحة الوهم؛غضضت بصرى، و ترحمت على أمي و دعوت: اللهم اكفنا شر الـ(...) سميع يارب!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُُشرت مقالي هذا في الأهرام المسائى بتاريخ 18/5/1999 صفحة 6